هل يكفي علاج الصدمة النفسية بالاعشاب؟

قد يتعرض المريض لصدمة نفسية أو عاطفية (psychological trauma or emotional trauma) نتيجة تعرُّضه لموقف أو حدث معين مثل حادثة سيارة أو اغتصاب أو تحرش أو كارثة طبيعية مثل الزلازل، ومن هنا يُصاب المريض بالصدمة والإنكار ثم يشعر بكثير من المشاعر المتناقضة غير المتوقعة.

بالإضافة إلى إعادة الأحداث مرةً أخرى في اللاوعي، وتتوتر علاقاته الاجتماعية والأسرية، وقد يشكو من بعض الأعراض الجسدية مثل الصداع والغثيان، فهل يمكن علاج الصدمة النفسية بالاعشاب فقط؟

علاج الصدمة النفسية بالاعشاب 

يلجأ الكثير من المرضى إلى علاج الصدمة النفسية بالاعشاب رغبةً في تجنب الأدوية التي تحتوي على مواد كيميائية اعتقاداً منهم أن العلاج العشبي لا يسبب أعراضاً جانبية أو تفاعلات دوائية.

بالإضافة لاعتقادهم أن الحالة المرضية خفيفة ويمكن التحكم بها ببعض المشروبات العشبية لتهدئة الأعصاب، فهل هذا ممكن؟

• الزيزفون (Linden) 

يتميز بقدرته على تهدئة الأعصاب، واسترخاء عضلة القلب، وتخفيف التوتر العصبي، واعتمدت الشعوب قديماً على التجمعات بجانب أشجار الزيزفون بحثاً عن السلام النفسي.

يوجد تشابه إلى حد ما بين أوراق الزيزفون والقلب، مما يدل على تأثيره الإيجابي في عضلة القلب، فغالباً ما يُوصف للمرضى الذين يعانون من العصبية والهياج، والتوتر، وتهدئة المرضى الذين يعانون من العمل ساعات طويلة.

اقرأ أيضاً عن:علاج المرض النفسي بالاعشاب…..هل ممكن؟

• الزعرور (Hawth

• orn)

على الرغم من احتواء نبات الزعرور على الأشواك للحماية، إلا أنها تتميز فاكهة الزعرور التي تشبه حبات الكريز بطعمها الحلو وملمسها اللين.

ويمكن استخدامه لفترة طويلة فهو آمن، ويُفضل شربه ليلاً قبل النوم لتهدئة الأعصاب، وتخفيف أعراض الهياج العصبي والقلق والحزن، ويساعد على النوم، ويمكن استخدام جميع أجزاء النبات بما في ذلك الزهور، والأوراق، والفاكهة، واللحاء.

• الروزماري

يتميز نبات الروزماري بتعدد فوائده بما في ذلك تهدئة الأعصاب بسبب رائحته العطرة التي تُستخدم في صنع العطور، وتحفز على التركيز وتقوية الذاكرة، والابتعاد عن الأفكار السلبية.

• الكاموميل

يخفف من أعراض التوتر والقلق والأرق، ويُعد من أقوى الأعشاب المهدئة للأعصاب، والأكثر شيوعاً بين الناس، ويرتبط نبات الكاموميل بالإيجابية، والتفاؤل، ويعطي شعوراً جميلاً بالسعادة، لذلك قد يعتمد الكثير من المرضى على علاج الصدمة النفسية بالاعشاب خاصةً الكاموميل.

اقرأ أيضاً عن:تجربتي مع أعشاب الاكتئاب وكيف واجهتها

• النعناع

يُعد نباتاً قوياً لتهدئة الأعصاب، والابتعاد عن القلق والتوتر خاصةً إذا كنت تعاني من صدمة عاطفية، ويحفز القدرة والتفكير الإبداعي، والحماس.

• اللافندر

يُعد من أقوى النباتات التي تُستخدم في تهدئة الأعصاب عند استخدامها في جلسات التدليك، ويتميز برائحته التي فتحت له باب صناعة العطور.

ويزيل الهموم والأفكار السلبية خاصةً إذا كنت تعاني من القلق والتوتر النفسي والضغوطات اليومية في العمل أو الحياة الاجتماعية والأسرية.

• الليمون

مثل اللافندر، إذ يتميز زيت الليمون بقدرته على إبعاد الأفكار السلبية وتحفيز المريض على الأفكار والسلوكيات الإيجابية، ويعطي شعور بالسعادة والتفاؤل، ويهدئ الأعصاب، فيكفي شرب عصير الليمون بالنعناع لتشعر بالاسترخاء والهدوء.

هل علاج الصدمة النفسية بالاعشاب آمن؟

يعتقد بعض المرضى أنه لا مانع من استخدام الأعشاب في العلاج اعتقاداً منهم أنها آمنة ولا تسبب أعراضاً جانبية أو تفاعلات دوائية، ويستطيع الجميع استخدامها بدلاً من العلاج الدوائي.

ولكن هذا غير صحيح، فإذا لم يُحضّر العلاج العشبي بطريقة صحيحة، فقد يصبح ساماً للمريض، لذلك لا يمكن علاج الصدمة النفسية بالاعشاب إلا تحت إشراف الطبيب المعالج لتجنب الأعراض الجانبية الخطيرة والتفاعلات الدوائية.

هل تكفي الأدوية لعلاج الصدمة النفسية

لا يمكن للأدوية وحدها علاج الصدمة النفسية أو العاطفية ولكنها تهدف إلى التحكم في أعراضها مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات النوم، لذاك لا بد من التحدث مع الطبيب عن خطة العلاج المناسبة لحالة المريض.

كيف أشفى من الصدمة النفسية بالعلاج النفسي

قد يساعد علاج الصدمة النفسية بالاعشاب إذا كنت تعرضت لموقف بسيط يمكن تداركه لكن لا يكفي العلاج العشبي وحده لكي تتخطى حادثة اغتصاب مثلاً أو فقدان عزيز لديك في ساحة حرب.

لذا لا بد من العلاج النفسي للتخلص من الصدمة النفسية أو العاطفية والبحث عن جذور المشكلة وحلها والتغلب على أعراضها، ومن حسن الحظ يمكن علاج الصدمة النفسية بالعديد من تقنيات العلاج النفسي، وأهمها:

• العلاج السلوكي المعرفي

يساعد العلاج السلوكي المعرفي على تغيير نمط تفكير المريض للتأثير في سلوكياته وعواطفه، ويحفز التفكير الإيجابي من أجل التغلب على الصدمة النفسية.

• إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة (Eye movement desensitization and reprocessing)

تُعد أحد الوسائل العلاجية الفعالة بدلاً من علاج الصدمة النفسية بالاعشاب، إذ يحاول الطبيب إحياء الحدث الذي سبب الصدمة للمريض، ويحرِّك الطبيب إصبعه في اتجاهات مختلفة لخفض حساسية حركة العين.

• العلاج الجسدي (Somatic therapies)

وبدلاً من علاج الصدمة النفسية بالاعشاب، تهتم هذه التقنية بعلاج الأمراض النفسية بالوسائل الجسدية مثل الأدوية أو العلاج الكهربائي أو الجراحة النفسية بدلاً من العلاج النفسي المتعارف عليه، وتتضمن:

• العلاج النفسي الجسدي (Somatic experiencing)

يعتمد على الجسد في علاج الصدمة النفسية وتوجيه المرضى للتحدث عن مشاعرهم الجسدية المرتبطة بالحدث المسبب للصدمة النفسية.

• العلاج النفسي الحسي الحركي (Sensorimotor psychotherapy)

يعتمد على دمج العلاج النفسي والعلاج الجسدي معاً، وإقناع المريض أن تصبح هذه الذكريات المؤلمة مصدر للقوة بدلاً من ان تكون نقطة ضعف.

• العلاج بالضغط الإبري (Acupoint stimulation)

تعتمد على ضغط أحد المتخصصين على مناطق معينة في الجسم بالإبر لمساعدة المريض على الاسترخاء وهدوء الأعصاب.

• العلاج باللمس (Touch therapies)

وتشمل علاج ريكي (Reiki) الذي يعتمد على العلاج الياباني بالطب البديل وهو أحد أشكال العلاج بالطاقة، وهذا بدلاً من علاج الصدمة النفسية بالاعشاب الذي لا يكفي وحده دون العلاج النفسي.

بالإضافة إلى اللمسة العلاجية (healing touch) التي يعتمد فيها الطبيب على إعادة تنظيم تسلسل الطاقة النمطي وإزالة ما يعيق حركة الطاقة، ومساعدته على امتصاص طاقة جديدة.

علاوةً على ذلك، فقد يستخدم الطبيب تقنية اللمسة العلاجية (therapeutic touch therapy) المعروفة باللمسة العلاجية دون تماس، ويعتمد على نظرية الارتباط المعقد بين الجسد والعقل والمشاعر.

كم يستمر علاج الصدمة النفسية

ليس بالضرورة كل من يتعرض لحدث صعب يُصاب بصدمة نفسية، فقد يتعافى بعض المرضى في خلال عدة أسابيع، وقد يحتاج آخرون إلى وقتٍ أطول للتعافي حتى يعود الجسم إلى حالته الطبيعية من التوازن النفسي والجسدي والعقلي.

كيفية التغلب على الصدمة النفسية 

يستطيع المريض مقاومة الصدمة النفسية أو العاطفية أو الجسدية عن طريق اتباع بعض النصائح البسيطة بجانب العلاج النفسي، ومن أهمها:

• تساعد ممارسة الرياضة لمدة نصف ساعة يومياً مثل رياضة الأيروبيك المريض على مقاومة مشاعر الصدمة النفسية.
• التواصل مع الأسرة والأصدقاء للتغلب على الصدمة النفسية، وتحسين المزاج، ونسيان هذه الذكريات المؤلمة بدلاً من اللجوء إلى علاج الصدمة النفسية بالاعشاب.
• ممارسة اليوجا أو رياضة التأمل، بالإضافة إلى تمارين التنفس التي تساعد على الاسترخاء.
• طلب المساعدة من المقربين للتحدث عن الحدث المسبب للصدمة النفسية.
• اتباع نظام غذائي سليم، وتجنب المخدرات والكحوليات، والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم.

ختاماً، لا يمكن علاج الصدمة النفسية بالاعشاب وحدها، فهي مجرد علاج ثانوي وليس علاجاً أساسياً، كما يحتاج مجال الطب العشبي إلى العديد من الدراسات والأبحاث حتى يثبت وجوده بالإضافة إلى الاهتمام من الجهات المعنية الخاصة بالأبحاث، وحتى الآن نعتمد على العلاج النفسي والدوائي في مستشفى الوعي الجديد تحت إشراف طبيب نفسي محترف في علاج الأمراض النفسية.

المصادر

المصدر الأول

المصدر الثاني

المصدر الثالث

المصدر الرابع

المصدر الخامس

عن الكاتب

نهى اشرف محمد
صيدلانية وكاتبة محتوى طبي في العديد من المواقع الطبية في مصر والسعودية والكويت، حصلت على المركز الأول في مسابقة نون العلمية لأفضل مقال طبي.
اتابع دوماً آخر ما توصلت إليه الدراسات والأبحاث العلمية والدوائية لنقلها أولاً بأول للعالم العربي.