هل الأمراض النفسية مزمنة؟
تُعدّ الأمراض النفسية من المشكلات الصحية التي تثير الكثير من التساؤلات، والجدل خاصةً عندما يتعلق الأمر بطبيعتها المزمنة، فهل تُشفى تمامًا أم تظل مصاحبة للمريض طوال حياته؟، يثير هذا السؤال اهتمام الكثيرين في مجال الصحة النفسية، وفي هذا المقال، سنعرف هل الأمراض النفسية مزمنة، وكم يستغرق الشفاء من المرض النفسي؟
جدول المحتويات
متى يكون المرض النفسي مزمنًا؟
لا يصبح المرض النفسي مزمناً إلا عندما يمر بأربعة مراحل التي تشمل: مرحلة العلامات التحذيرية، ومرحلة الأعراض الظاهرة، ومرحلة الأعراض المزعجة، ومرحلة الأعراض الشديدة.
نبدأ مقالنا عن هل الأمراض النفسية مزمنة بمعرفة مراحل المرض النفسي التي تمثل تطور المرض العقلي المزمن تدريجياً، وهذه المراحل هي:
-
مرحلة العلامات التحذيرية
في هذه المرحلة، يبدأ الاضطراب العقلي في الظهور، وقد يلاحظ المقربون من المريض بعض الأعراض الطفيفة مثل:
- صعوبة أداء عمله أو واجباته في المدرسة او الجامعة.
- صعوبة التركيز.
- اضطرابات النوم، فقد ينام أقل او أكثر من اللازم.
- الرغبة في الانعزال عن الآخرين.
-
مرحلة الأعراض الظاهرة
في هذه المرحلة، تبدأ طبيعة الاضطراب العقلي المزمن في أن تصبح أكثر وضوحًا، وتصبح الأعراض أكثر بروزًا، وقد يبدأ الفرد ومن حوله بإدراك الحاجة إلى المساعدة المهنية، وتشمل الأعراض العامة في هذه المرحلة:
- مشاعر قوية من القلق أو الاكتئاب.
- تقلبات مزاجية شديدة.
- مشاكل بارزة في العمل أو المدرسة قد تؤدي إلى عواقب واضحة.
- الرغبة في تعاطي المواد المخدرة؛ للتأقلم مع المشاعر السلبية.
-
مرحلة الأعراض المزعجة
في هذه المرحلة، تبدأ الأعراض الأكثر خطورة بالتأثير على قدرة الفرد على أداء أنشطة الحياة اليومية، كما أن المرض العقلي في هذه المرحلة يصبح أكثر قابلية للتشخيص لأن الأعراض تكون أكثر وضوحًا.
في هذه المرحلة أيضًا، تصبح الأعراض أكثر خصوصية بالنسبة للاضطراب الذي يشخصه الطبيب، فعلى سبيل المثال، قد يبدأ الشخص المصاب باضطراب ثنائي القطب من النوع الأول في المرور بنوبات هوس كاملة، أو قد يبدأ الشخص المصاب بالفصام في رؤية هلاوس أو سماع أصوات غير موجودة.
-
مرحلة الأعراض الشديدة
في هذه المرحلة، يصل المرض العقلي المزمن إلى ذروته، ومن الضروري الحصول على رعاية مهنية إذا لم يحدث ذلك بالفعل.
ولا يزال بالإمكان التدخل في هذه المرحلة؛ لتقليل الآثار الجانبية قصيرة المدى، ومنع تحولها إلى طويلة المدى.
والحقيقة المؤلمة هي أن هذه المرحلة تُعد الأكثر شيوعًا؛ لحدوث إيذاء النفس أو إيذاء الآخرين أو الانتحار، مما يُبرز أهمية التدخل العلاجي في الوقت المناسب.
اقرأ أيضاً
الإدمان والفراغ كارثة! كيف أملأ وقتي بأنشطة تعزز التعافي ومنع الانتكاس
ما هي علامات الشفاء من المرض النفسي؟
في إطار الحديث عن هل الأمراض النفسية مزمنة، فإذا كنت تحرز تقدماً في الشفاء من المرض النفسي، فكيف تعرف ذلك؟
يوجد 5 علامات إيجابية تدل على أن صحتك النفسية بدأت تتعافى، وقد يساعدك البحث عن هذه العلامات في التعرف على جوانب التحسّن في حياتك، والاحتفال بمدى التقدم الذي أحرزته في رحلة التعافي الخاصة بك.
-
لديك طاقة أكثر
وفي إطار الحديث عن هل الأمراض النفسية مزمنة، فعندما تتحسن صحتك النفسية، غالبًا ما تشعر بزيادة في الطاقة التي يمكنك استخدامها للقيام بالأشياء التي تستمتع بها.
فعلى سبيل المثال، عندما تعاني من القلق، من السهل أن تستهلك معظم طاقتك الذهنية في توقع أحداث سلبية لم تحدث بعد.
وبالمثل، قد يجعل الاكتئاب المهام البسيطة، مثل النهوض من السرير في الصباح، تستنزف الكثير من طاقتك النفسية.
وعندما تبدأ في الشعور بالنشاط، وتعود تدريجيًا لممارسة الأنشطة التي كنت تستمتع بها، فهذه علامة واضحة على أن صحتك النفسية بدأت في التحسن.
-
الشعور بالحماس تجاه المستقبل
استكمالاً لمقالنا عن هل الأمراض النفسية مزمنة، فعندما تكون في حالة نفسية صعبة، قد تركز فقط على اجتياز اليوم، لتجد نفسك تعيش في “وضع البقاء”، وتفعل فقط ما يكفي لتصل إلى اليوم التالي.
أما عندما تتحسن حالتك النفسية، فقد تبدأ في الشعور بالحماس للمستقبل، وتصبح مستعدًا لفعل أكثر من مجرد البقاء، وتبدأ في التخطيط لأشياء ذات معنى.
هل الأمراض النفسية مزمنة
-
أنت أكثر اتصالًا بمشاعرك
استكمالاً لحديثنا عن هل الأمراض النفسية مزمنة، ينفصل الكثير منا عن مشاعره عندما تصبح غامرة أو مؤلمة، فعندما لا تكون في بيئة آمنة تسمح لك بالتعامل مع المشاعر الصعبة، تقوم عقليًا بإبعادها لحماية نفسك.
لكن عندما تبدأ في رحلة الشفاء، قد تبدأ هذه المشاعر الثقيلة في الظهور مجددًا خاصةً إذا كنت تعمل مع طبيب نفسي.
قد يبدو هذا مقلقًا في البداية، أليس من المفترض أن يجعلك العلاج تشعر بتحسن؟
في الواقع، هذه علامة على أنك أصبحت مستعدًا أخيرًا لمواجهة تجاربك الصعبة، وتصبح أكثر اتصالاً بمشاعرك.
ورغم أن الأمر قد يكون غير مريح، فإن القدرة على الشعور بمشاعرك هي دليل قوي على التعافي.
اقرأ أيضاً
-
أعراضك النفسية لم تعد تؤثر على حياتك بنفس القوة
في إطار الحديث عن هل الأمراض النفسية مزمنة، فلا بد أن تعرف أن الشفاء ليس رحلة خطية، فقد تستمر بعض الأعراض النفسية معك مدى الحياة.
ولكن إذا بدأت هذه الأعراض تؤثر بشكل أقل على حياتك اليومية، فهذه علامة ممتازة على التقدم.
فعلى سبيل المثال ربما لا تزال تشعر بالقلق عند استخدام وسائل النقل العام، لكن لم يعد هذا يمنعك من ركوب المترو.
وربما لا يزال الحزن جزءًا منك، لكنه لم يعد يمنعك من النهوض صباحًا، وممارسة حياتك، ومن الطبيعي أن نشعر بمشاعر صعبة، وليس من الضروري أن تشعر أنك “تعافيت تمامًا بنسبة 100٪.
-
التعامل مع التحديات بشكل أفضل مما كنت في السابق
بغض النظر عن مدى تعافيك، فإن الحياة ستستمر في إلقاء التحديات، والمفاجآت، ويمكنك غالبًا أن تدرك مدى تقدمك من خلال مراقبة كيفية استجابتك لهذه التحديات الجديدة.
فربما كنت في السابق تنهار تمامًا عند المرور بانفصال عاطفي، لكنك الآن خرجت من علاقة، وتشعر بالحزن، ومع ذلك تدرك أنك ستكون بخير.
وتُعد الاستجابة للتحديات بطرق جديدة هو دليل رائع على النمو، والتقدم الذي أحرزته، ويستحق أن تفتخر به.
هل الأمراض النفسية مزمنة
كم يستغرق الشفاء من المرض النفسي؟
يهمنا معرفة هل الأمراض النفسية مزمنة، ومدة علاجها إذا كان ممكناً التي تختلف من مريض لآخر، وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن متوسط عدد الجلسات المطلوبة حتى يتعافى 50٪ من المرضى حسب شدة الأعراض يتراوح بين 15 إلى 20 جلسة.
وعلى الرغم من ذلك، هناك عدد متزايد من العلاجات النفسية المحددة ذات المدة المتوسطة مثل 12 إلى 16 جلسة أسبوعية التي أظهرت الأبحاث العلمية أنها تؤدي إلى تحسينات سريرية ملحوظة.
وفي الممارسة العملية، يفضّل بعض المرضى، والمعالجين الاستمرار في العلاج لفترات أطول مثل 20 إلى 30 جلسة على مدار ستة أشهر؛ لتحقيق زوال تام للأعراض، والشعور بالثقة في المهارات اللازمة للحفاظ على نتائج العلاج.
وتشير الأدلة البحثية إلى أن الأشخاص الذين يبحثون عن حقيقة معرفة هل الأمراض النفسية مزمنة، ويعانون منها أو من صعوبات معينة في الشخصية قد يحتاجون إلى علاج لفترة أطول مثل 12 إلى 18 شهرًا حتى يكون العلاج فعّالًا.
وهناك عدد قليل من الأفراد الذين يعانون من مشكلات مزمنة قد يحتاجون إلى دعم علاجي مكثف مثل العلاج المستمر للحد من خطر إعادة الدخول للمستشفى النفسي إلا أن هؤلاء المرضى يشكلون نسبة قليلة من أولئك الذين يحتاجون أو يسعون للعلاج.
هل يمكن الشفاء نهائيا من المرض النفسي؟
نستكمل حديثنا عن هل الأمراض النفسية مزمنة، إذ تُعد مشاكل الصحة النفسية مثل الاكتئاب، والقلق، واضطراب ثنائي القطب، والفصام حالات مزمنة غالبًا ما تؤثر على عدة جوانب من حياة المريض.
وعلى الرغم من عدم وجود علاج نهائي لهذه الحالات، إلا أن بعض العلاجات قد تساعد في التحكم في الأعراض، وتحسين جودة حياة المريض.
وقد تساهم الأدوية، والعلاج النفسي، وتغييرات نمط الحياة في تحسين الأعراض، مما يمكّن المرضى من تحقيق أهدافهم.
ولكن لماذا لا توجد علاجات نهائية للأمراض النفسية؟، يوجد عدة عوامل تؤثر في ذلك، من أبرزها تعقيد الصحة النفسية، واختلاف فاعلية العلاجات المختلفة من شخص لآخر.
فعلى سبيل المثال حالات مثل الاكتئاب، والقلق، قد تحدث نتيجة عدة أسباب مثل العوامل الوراثية، والظروف البيئية، وحتى بعض الأمراض الجسدية.
ما هي أسباب انتكاسة المريض النفسي؟
نتحدث عن هل الأمراض النفسية مزمنة أم لا، إذ يُعد فهم المحفزات المحتملة للانتكاسة أمر بالغ الأهمية للوقاية، إذ تختلف محفزات الانتكاسة من شخص لآخر، وتعتمد على تاريخه العلاجي، وظروفه الشخصية، وتشمل الأسباب الشائعة لانتكاسة المرض النفسي ما يلي:
-
مشاكل في الأدوية
قد تؤثر التغييرات في الدواء، أو تعديل الجرعات، أو عدم الالتزام بالعلاج الموصوف على استقرار الصحة النفسية، لذلك من المهم دائمًا استشارة الطبيب النفسي قبل إجراء أي تغييرات على نظام الدواء.
-
تعاطي المواد المخدرة والكحولية
قد يؤثر استخدام المخدرات أو الكحول على كيمياء الدماغ، مما يؤدي إلى تفاقم أعراض المرض النفسي، وزيادة خطر الانتكاسة، لذلك من الضروري تجنب تعاطي المواد، ومناقشة أي مخاوف مع الطبيب.
-
الضغط النفسي
نستكمل مقالنا عن هل الأمراض النفسية مزمنة أم لا، فقد يسهم التوتر، والضغط النفسي في انتكاسة الصحة النفسية، لذلك من المهم استخدام تقنيات فعالة للتحكم في التوتر، واستراتيجيات التكيف للحفاظ على الصحة النفسية.
-
التغيرات الهرمونية
تلعب التقلبات الهرمونية دورًا في الانتكاسة خاصةً للأشخاص الذين يعانون من الإضطرابات المزاجية.
كيفية التعرف على علامات الانتكاسة المبكرة؟
وفي إطار الحديث عن هل الأمراض النفسية مزمنة، نتحدث عن علامات الانتكاسة المبكرة التي قد تشكل فرقاً كبيرًا في منع تفاقم الأعراض.
وتشمل العلامات الشائعة التي قد تشير إلى قرب حدوث انتكاسة ما يلي:
- تغيرات في النوم مثل الأرق أو النوم المفرط.
- الانسحاب الاجتماعي، والعزلة المتزايدة عن الأصدقاء أو العائلة أو الأنشطة الاجتماعية.
- تغيرات ملحوظة في الشهية أو الوزن.
- مشاعر الوحدة، والشعور المستمر بالعزلة أو الانفصال عن الآخرين.
- صعوبة في الاسترخاء، والشعور بعدم الارتياح أو التوتر المستمر.
- زيادة في التهيج أو تقلبات المزاج.
- إهمال النظافة الشخصية، وتراجع في العناية بالنظافة أو المظهر.
- صعوبات التركيز أو ضعف الذاكرة أو النسيان.
- أعراض جسدية مثل الآلام غير المبررة، التي غالبًا ما ترتبط بالاكتئاب.
ومهما كانت الإجابة عن سؤالنا هل الأمراض النفسية مزمنة أم لا، يلعب دعم الأسرة دورًا محوريًا في التعافي من المرض النفسي، وإذا لاحظت أنت أو أحد أحبائك أيًا من هذه العلامات، من المهم اتخاذ خطوات سريعة فورًا.
الخلاصة
بعد معرفة الإجابة عن سؤال هل الأمراض النفسية مزمنة، فلابد من معرفة اختلاف طبيعة هذه الأمراض، ومدى استمراريتها من شخص لآخر، ومن اضطراب لآخر، فتستجيب بعض الحالات للعلاج بفعالية، وشفاء، بينما تحتاج حالات أخرى متابعة طويلة الأمد، ولكن العامل الأهم هو التشخيص المبكر، والعلاج المناسب، والدعم المستمر.