برامج علاج مدمني المخدرات والكحول
تختلف تجربة الإدمان من شخص لآخر، إذ تؤثر عوامل مثل الأمراض النفسية المصاحبة، والصدمات النفسية، وشدة تعاطي المواد على مسار الخطة العلاجية التي يحتاجها كل مريض، مما يستوجب وجود خطة علاجية مخصصة لكل حالة، ولتحقيق هذا الهدف، يستخدم المتخصصون مجموعة برامج علاج مدمني المخدرات المبنية على الأدلة العلمية التي تستخدمها مراكز إعادة التأهيل، والممارسات الخاصة في جميع أنحاء البلاد، فما هي؟
جدول المحتويات
برامج علاج مدمني المخدرات والكحول
يستخدم الأطباء النفسيون هذه البرامج في مستشفيات ومراكز علاج الإدمان في جميع أنحاء العالم لفعاليتها الشديدة، وهي:
-
العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
هو أحد أنواع برامج علاج مدمني المخدرات الذي يعتمد على جلسات منظمة بين المريض، ومعالج نفسي، ويهدف إلى إعادة تشكيل الأفكار السلبية لدى المرضى، وهو تغيير يُمكّن المتعافين من مواجهة تحديات الحياة بثقة أكبر.
يُعد علاجًا فعالًا للاضطرابات النفسية، والإدمان، سواء استخدمه المتخصصون بشكل منفرد أو بالاقتران مع علاجات أخرى.
ويساعد هذا العلاج الأشخاص في مرحلة التعافي المبكر على التعامل مع الأعراض، والوقاية من الانتكاس، وتعلم آليات التكيف، وتجاوز الصدمات العاطفية.
يناقش المشاركون في العلاج السلوكي المعرفي أفكارهم، ومشاعرهم مع معالجيهم من خلال أسلوب يعتمد على تحديد الأهداف.
وتشمل جلسات برامج علاج مدمني المخدرات موضوعات مثل: المرونة النفسية، وإدارة التوتر، والتعبير عن الذات بثقة، وتقنيات الاسترخاء.
برامج علاج مدمني المخدرات
-
نموذج ماتريكس (The Matrix Model)
يوفّر نموذج ماتريكس إطارًا يساعد الأفراد المتعافين من إدمان المنشطات على الحفاظ على الامتناع عن التعاطي. ويُستخدم بشكل أساسي مع المرضى المتعافين من إدمان الميثامفيتامين أو الكوكايين.
ويعتمد العلاج بنموذج الماتريكس على مجموعة من الأساليب العلاجية المبنية على الأدلة العلمية التي تركز على منع الانتكاسة، وتشجّع العلاج الأسري، والتعليم، والمشاركة في مجموعات الدعم.
تتضمن الجلسات العلاجية عادةً كتيبات أو أوراق عمل مفصلة يُمكن للمريض الرجوع إليها، ويعمل المعالج كمعلم ومدرب، ويطوّر علاقة إيجابية مع المريض، ويشجّعه على التغيير السلوكي.
يُعزز المعالج الشعور بالكرامة، والقيمة الذاتية لدى المريض دون اللجوء إلى أسلوب المواجهة في التواصل.
ومع ذلك، فإن نموذج الماتريكس يتضمن إجراء اختبارات دورية للكشف عن تعاطي المخدرات.
-
الإرشاد النفسي: الفردي والجماعي
قد يستخدمه الطبيب النفسي في برامج علاج مدمني المخدرات بشكل فردي أو ضمن مجموعات:
-
الإرشاد الفردي
من خلال التحدث مع مستشار مرخّص في جلسات فردية، يمكن للمريض في مرحلة التعافي أن يفهم بشكل أعمق طبيعة إدمانه، والعوامل التي ساهمت فيه، ويُعرف هذا النوع أيضًا بـ “العلاج بالكلام”.
-
الإرشاد الجماعي
في إطار الحديث عن برامج علاج مدمني المخدرات، يشارك المتعافون قصصهم، ويستفيدون من تجارب الآخرين، مما يقلل من مشاعر العزلة، والوحدة التي غالبًا ما تصاحب الإدمان، وتُعرف هذه الاجتماعات أحيانًا باسم “مجموعات العمليات”.
-
العلاج السلوكي الجدلي (DBT)
طور العلماء العلاج السلوكي الجدلي في الثمانينات لعلاج اضطراب الشخصية الحدية، وهو أحد أنواع العلاج السلوكي المعرفي الذي يركز على تطوير المهارات السلوكية.
تُزوّد هذه الدروس المشاركين بأدوات فورية لإدارة المشاعر، وتحسين العلاقات، وحل النزاعات، والتعامل مع الضغوط. وتشير البيانات إلى أن هذه التقنية فعالة في علاج الإدمان، وعدد من الاضطرابات النفسية.
يركز العلاج السلوكي الجدلي على بناء المهارات في أربعة مجالات رئيسية من خلال جلسات فردية، وتعليم جماعي:
- اليقظة الذهنية: قبول اللحظة الحاضرة، والعيش فيها بوعي.
- تحمل الضيق: التعامل مع المشاعر السلبية بدلاً من الهروب منها.
- تنظيم المشاعر: تعلم كيفية إدارة المشاعر القوية والمزعجة وتغييرها.
- الفعالية الشخصية: تعزيز القدرة على التعبير عن النفس باحترام، مع الحفاظ على الكرامة الشخصية.
اقرأ أيضاً
-
العلاج بالتجربة (Experiential Therapy)
عندما يفكر معظم الناس في برامج علاج مدمني المخدرات ، فإنهم يتخيلون العلاج بالكلام التقليدي من خلال سلسلة من المحادثات تمتد على عدة جلسات.
ومع ذلك، يمكن أن يكون التعلم العملي أداة قوية خاصةً في مراحل التعافي المبكرة. ويُعد العلاج بالتجربة فعالًا في علاج اضطرابات تعاطي المواد؛ لأنه يدمج مشاعر المريض دمجاً عميقاً.
يستكشف المشاركون أفكارهم، ومشاعرهم اللاواعية من خلال التصوير الموجه، وتمثيل الأدوار، وأنشطة أخرى. وبهذه الطريقة، يتمكن الأشخاص الذين لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم المعقدة أو تفاصيل صدماتهم من البدء في معالجتها.
أمثلة على العلاج بالتجربة:
- العلاج بالفن.
- العلاج بالموسيقى.
- العلاج بالخيل، والعلاجات المساعدة بالحيوانات.
- الكتابة الإبداعية أو العلاج بالشعر.
- العلاج بالمغامرة (رحلات برية، تسلق، الانزلاق على الحبال).
- العلاج باللعب.
- العلاج بالدراما (السيكودراما).
اقرأ أيضاً
-
إزالة التحسس وإعادة المعالجة بحركات العين (EMDR)
هو علاج نفسي يهدف إلى معالجة الضيق العاطفي، والأعراض الناتجة عن الصدمات، ومنذ تطويره في الثمانينات، أُجريت أكثر من 30 دراسة إيجابية، ومضبوطة حول فعاليته.
يتكون العلاج من ثماني مراحل، ويجمع بين حركات العين وعناصر أخرى متعددة، ويُطلب من المشاركين التفكير في ثلاثة أزمنة: الماضي، الحاضر، والمستقبل.
ومن خلال تحليل الصدمات السابقة، يعمل المرضى على تجاوز المعاناة الحالية، وبناء موقف نفسي إيجابي يدفعهم إلى اتخاذ خطوات صحية نحو المستقبل.
برامج علاج مدمني المخدرات
-
العلاج الأسري
يُعد إشراك الأسرة عنصرًا أساسيًا في علاج أي حالة صحية مزمنة، ولا يُستثنى الإدمان من ذلك، فكل من يحيط بالمريض يتأثر بآثار الإدمان السلبية، ولهذا يكون التحدي الرئيسي في توسيع نطاق العلاج ليشمل العائلة بأكملها.
يُسهل الطبيب النفسي جلسات مناقشة، وحل المشكلات مع جميع أفراد الأسرة، وأحيانًا مع أفراد أو مجموعات فرعية. وغالبًا ما يتضمن هذا النوع مكونًا تعليميًا يساعد الأزواج، والأشقاء، والآباء، والأبناء على فهم طبيعة مرض الإدمان.
-
المقابلة التحفيزية (Motivational Interviewing)
تهدف المقابلة التحفيزية إلى تشجيع المرضى على تغيير سلوكياتهم، وتُعد فعالة في علاج الإدمان، وإدارة الأمراض الجسدية.
يُلهم المعالجون المرضى؛ لتغيير السلوكيات التي تؤثر سلبًا على صحتهم، وتُعد هذه الطريقة مثالية للأشخاص الذين يعانون من الإدمان، ولكنهم غير متحفزين أو غير مستعدين للتغيير، وكذلك لأولئك الذين يقاومون فكرة التغيير.
-
العلاج الديناميكي النفسي (الداعم – التعبيري)
يستند هذا العلاج إلى نظريات التحليل النفسي، ويهدف إلى زيادة وعي المرضى بأفكارهم، وسلوكياتهم اللاواعية، واكتساب بصيرة حول دوافعهم، وحل صراعاتهم الداخلية.
يعتمد العلاج الديناميكي على الحوار المفتوح حول المخاوف والرغبات، والأهداف، والقضايا الحالية.
ويتميّز عن الأساليب الأخرى بتركيزه على معالجة المشاعر المتضاربة، والمكبوتة، مما يساعد المرضى على فهم كيف تؤثر تجاربهم السابقة على قراراتهم الحالية، وسلوكهم، وعلاقاتهم.
-
منع الانتكاسة (Relapse Prevention)
تهدف جميع برامج علاج مدمني المخدرات إلى الوقاية من الانتكاسة، لكن يشير المصطلح إلى تدخل علاجي محدد، ويعتمد على مهارات مستمدة من العلاج السلوكي المعرفي.
ويركز على التعرف على المواقف المحفّزة للانتكاسة، وتوفير أدوات لمواجهتها، وتشمل استراتيجيات منع الانتكاسة:
- تحدي التوقعات الإيجابية المتعلقة بتعاطي المواد المخدرة، والكحولية.
- تطوير مهارات التأقلم مع المحفزات المحتملة للانتكاسة.
- تعلّم كيفية قول “لا” بطريقة واضحة، وحازمة.
- إعداد خطة للتعامل مع الحالات الطارئة مثل الرغبات المفاجئة، والشديدة.
- تعزيز الثقة بالنفس، والقدرة على الامتناع عن التعاطي.
- المشاركة في إعادة هيكلة التفكير السلبي، والمشوش.
-
برنامج 12 خطوة لعلاج الإدمان
يهدف إلى تشجيع الانخراط الفعّال في مجموعات الدعم الذاتي المبنية على برنامج الخطوات الاثني عشر، وترتكز هذه المقاربة على ثلاث أفكار رئيسية:
- قبول نموذج المرض للإدمان، أي التعامل مع الإدمان كمرض مزمن يتطلب علاجًا طويل الأمد.
- تسليم النفس لقوة أعلى، والالتزام بأنشطة التعافي ذات الصلة.
- المشاركة النشطة في اجتماعات، وبرامج مجموعات الخطوات الإثني عشر مثل “مدمني الكحول المجهولين (AA)” أو “مدمني المخدرات المجهولين (NA)”.
تساعد برامج علاج مدمني المخدرات المرضى في الوصول إلى تعافي مستدام، ويوفر لهم مجتمعًا داعمًا من الأقران، وبيئة خالية من الأحكام تعزز مشاعر الانتماء، والدعم.
الخلاصة
تمثل برامج علاج مدمني المخدرات خطوة حاسمة نحو التعافي، واستعادة توازن الحياة، ويمكّن تنوع الأساليب العلاجية كل فرد من إيجاد ما يناسب احتياجاته، وظروفه الخاصة، إذ تجمع هذه البرامج بين الدعم النفسي، والطبي، والاجتماعي؛ لضمان استمرارية التحسّن من خلال إشراك الأسرةؤ والمجتمع؛ لتعزيز فرص النجاح.
المصادر