fbpx

الإدمان سلوك مكتسب أم مرض نفسي

نشر على, أكتوبر 25, 2022. بواسطة عبد الرحمن

الإدمان سلوك مكتسب أم مرض نفسي

الإدمان سلوك مكتسب من البيئة المحيطة ومن التجارب أم كونه من الأمراض النفسية , فقد تباينت آراء العلماء قديماً حول كون الإدمان مرض أم سلوك مكتسب , وظل الأطباء والاستشاريون ومختصي علاج الإدمان وعلماء النفس بل والمدمنين أنفسهم على مدار السنوات السابقة , ولقد كان البحث عن تعريف الإدمان في علم النفس يتفق عليه الجميع إلا أن وجهة نظر العلماء كانت قائمة بين الإدمان سلوك أم مرض نفسي والسعي وراء البحث عن الإدمان وأسبابه وخصائص الإدمان وأنواع الإدمان ونتائج الإدمان وغيرها من الأمور التي كانت محل نظر العلماء والمختصين .

ولقد انصب الجدل حول تأثير الإدمان على الأشخاص نفسياً وفسيولوجياً مع التركيز بشكل خاص حول اكتشاف ما إن كان الإدمان يعد من السلوكيات المكتسبة أو أنه حالة نتجت بسبب وجود الشخص في بيئة غير مناسبة وأخطاء شخصية أم أنه في حقيقة الأمر من الأمراض التي تتعدى قدرة الشخص المدمن خلال الإرادة القوية .

مواضيع ذات صلة

أفضل مركز لعلاج الإدمان

مستشفى لعلاج الإدمان

مستشفيات الطب النفسي في القاهرة 

أخصائي علاج الإدمان في السعودية 

خصائص الإدمان

ولم يزل الجدل حول سمات وخصائص الإدمان مستمراً حول هذا التميز في مجتمع الإدمان لبعض الوقت , إذ يتقبل الناس اليوم تعريف الإدمان بأنه من الأمراض العصبية المزمنة التي تتمثل في الاستعمال القهري للمخدرات أو الانخراط في سلوكيات إدمانية بالرغم من العواقب السلبية التي تنجم عن تعاطي تلك السموم من أنواع المخدرات , ولقد اتفق الجميع على اعتبار الإدمان إنه أحد الأمراض التي تؤثر على نظام المكافأة في المخ ويتصف الإدمان بحدوث ضعف في الانتقال العصبي خاصة في ظل قلة إنتاج مادة الدوبامين المسؤولة عن إحداث النشوة والسعادة للإنسان والتي توجد في المخ .

وتتسبب تلك السموم من أنواع المخدرات أو بشكل عام أنواع الإدمان التي تؤدي إلى الشعور باللذة والنشوة التي يفقدها المدمن بسبب قلة إنتاج الدوبامين وتشير تلك التعريفات إلى أن الإدمان مرض وليس سلوك مكتسب وعلينا أن نضع هذا نصب أعيننا حتى نتعامل مع المدمن بأنه شخص مريض وما مان مريض ألا يجب الإسراع في علاجه وإنقاذه من المرض خاصة مثل مرض الإدمان المزمن الذي يمكن التعافي منه ولا يمكن الشفاء منه .

سمات الإدمان

في واقع الأمر فإن أصحاب الرأي الذين يرون بأن الإدمان سلوك وليس مرض فإنهم يرون أن الإدمان بمثابة استجابة معتادة , ومن الأمور التي يجب الإشارة إليها أن هناك حالة من التناقض بصورة مستمرة , حيث إنهم يدعون بأن الإدمان على المخدرات ما هو إلا عادة سيئة قد اكتسبها الإنسان أو أنه أحد السلوكيات السلبية المكتسبة والتي قد اقترفتها يد الشخص المدمن وهو المسؤول عن أفعاله ونتائج الإدمان بشكل عام .

كما يرى أصحاب رأي أن الإدمان سلوك وليس مرض إنه نزعة بشرية لتأجيل الألم في مقابل المتعة الفورية التي يجدها المدمن , ولكننا نرى ضرورة حيوية في أن ينظر العامة إلى أن الإدمان مرض والتعامل مع المدمن بأنه شخص مريض فتلكره المرض ولكن لا تكره المريض فهو منا واحد أفراد المجتمع التي يمكن التخلص من مرضه وعودته إلى ممارسة حياته بشكل طبيعي كأي إنسان أخرى لم يصاب بمرض الإدمان المعقد والمزمن في الوقت نفسه .

اعتبار أن مرض الإدمان من الأمراض المزمنة والنظر إلى المدمن بأنه شخص مريض يجعلنا نتخلص من وسم المدمن بأنه شخص منعدم الأخلاق أو أنه ضعيف الإرادة كما نسمح للمرضي بالاستفادة من العلاج المهني والفعال للإدمان بسهولة , كما يضفي شيئاً من الشرعية على علاج الإدمان في المجتمعات الطبية , مع السماح لمزودي الرعاية والخدمات العلاجية من الاستفادة من الأموال المخصصة للأبحاث بصورة أفضل , كما أننا بهذا نعزز التعاون الطبي ونؤدي إلى مزيد من نماذج العلاج الأكثر فاعلية وغيرها من فوائد النظر للإدمان بأنه من الأمراض المزمنة وليس كونه سلوك مكتسب .

منظمات الصحة العالمية والإدمان

في 1951 قد مهدت منظمة الصحة العالمية الطريق إلى اعتبار أن الإدمان من الأمراض بالإعلان أن تعاطي الكحوليات يعد مشكلة طبية حادة وقد تعدت الجميعة الطبية تلك الحدود من خلال الإعلان في عام 1956 بان إدمان الكحوليات والمخدرات من الأمراض وسارت علي تلك الخطي الجمعية الأمريكية للطب النفسي في عام 1960 ولقد كان لهذا الأمر دور كبير في علاج مدمني المخدرات.

ولقد تغيرت وجهة النظر المجتمعية تجاه الأشخاص المدمنين وأصبح الآن ملايين المدمنين الذين يسعى أهاليهم من أجل علاجهم من الإدمان بعدما اعتبر أن الإدمان مرض وليس سلوك ولم يعد النظرة إلى المدمن بأنه منحرف السلوك أو أنه منعدم الأخلاق وغيرها من الأمور التي تعوق السير في طريق العلاج من الإدمان .

لقد ظهرت العديد من التطورات الحديثة من أجل التعامل مع الإدمان كونه أحد الأمراض فلم يعد ينظر إليه بأنه سلوك مكتسب , إذ قد تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بمشروع قانون إلى الكونجرس لأجل تغير اسم المعهد القومي لتعاطي المخدرات إلى المعهد القومي لأمراض الإدمان مع الاحتفاظ بالاختصارات نفسها ” أن أي دي إيه ” وفي ظل تقديم القانون فقد أكد السيناتور السابق ونائب الرئيس الحالي جو بايدن بأنه تغير طريقة الحديث عن الإدمان يمكننا أن نغير نظرة الناس إلى الإدمان .

ولا شك أن تلك الخطوات التي تمت لها دور كبير في تجنب الوسمة ووصمة العار والوصمة المجتمعية التي قد ارتبطت بالإدمان على المخدرات , وفي هذا الوقت كان هناك من يرفض رأي هؤلاء الذين لا يزالون ينظرون إلى الإدمان بأنه سلوك مكتسب , واعتبار ذلك من الآراء البالية والتي قد عفا عليها الزمان  .

وقد بدأ الاتفاق على اعتبار أن الإدمان من الأمراض المكتسبة اعترافاً من قبل الأطباء والاستشاريين وعلماء النفس والمختصين والمراكز العلاجية بل ومجتمع الأكثر حجماً , ولقد كان مبرر المعهد القومي للإدمان بسيط حيث إن الإدمان من الأمراض التي تغير العقل , حيث يقوم مدير المعهد القومي لأمراض الإدمان في البحث التصويرية التي تمت على الدماغ والذي أجري بشان الإدمان وأنواع الإدمان المختلفة ” أن تأثير العقاقير التي يساء استعمالها على أجهزة متعددة ولا تقتصر على تلك الأجهزة التي لها علاقة بالتعلم والذاكرة “, وتضيف قائلة إن تلك العقاقير أو المخدرات تعطل مناطق المخ التي تمنع السلوك الغير مرغوب فيه .

ما هي سمات مرض الإدمان

كي نعتبر الإدمان كونه أحد الأمراض فلا بد من أن يتوافر فيه تلك الشروط والمعايير الطبية والتي تتثمل فيما يلي :-

1-أساسي , وهو ما نعنيه بنشأة المرض فهو مرض بحد ذاته بعيدا عن أي من العوامل الأخرى ومن تلقاء نفسه مرض حقيقي له أسبابه .

2-مزمن , يعني أنه غير قابل للشفاء ولكن يمكن التعافي منه .

3-مصحوب بالأعراض حيث يمكن تشخيص مرض الإدمان بالطريقة التي يبدوا بها في علم الأعضاء والسلوكيات مع أسلوب الحياة الخاصة بالفرد .

4-قابل للعلاج بالرغم من أنه مزمن ولا يمكن الشفاء منه لكن مع أدوية علاج الإدمان والعلاجات السلوكية والنفسية يمكن التعافي من الإدمان والعمل على تغيير أسلوب الحياة إلى القدرة على الحياة دون تعاطي تلك السموم من تلك المواد المخدرة الفتاكة .

5-الإدمان مرض مميت خاصة أنه يؤدي إلى الوفاة ما لم يتم الإسراع في علاجه من خلال المختصين في المراكز والمصحات العلاجية .

نتائج الإدمان

في واقع الأمر فإن ما يحدث في المدمن يشبه حالة من حالات الحرمان , حيث نه يغير المخ من خلال نقله من تلك الحالة التي يمتلك فيها الشخص حق الاختيار ويفعل ما يريد فعله إلى تلك الحالة التي يشعر أنه بحاجة إلى هذا الفعل .

وأضف إلى ذلك من الأهمية بمكان ذكر أن الإدمان كاي من أنواع الأمراض التي يمكن أن تؤثر على الأشخاص بدرجة أكثر حدة في عمر معين , وعند مستويات معينة من النمو, وتوضح الأبحاث بان الإدمان يتسبب في منع أو إعادة تشكيل الخلايا العصبية في القشرة الأمامية من الدماغ وهذا ما يطلق عليه مقر الحكم , والمنطقة التي لا تتطور بصورة كاملة بين الأشخاص البالغين حتى أوائل العشرينيات من العمر , وهكذا يتضح في ضوء تلك الأمور التي قد أشرنا إليها وجود الارتباط بين مرض الإدمان وبين قابلية الإصابة بين الشباب والمراهقين بشكل خاص .

أسباب الإدمان

وفيما يتعلق بأسباب الإدمان فيراعي الرأي الطبي بأن المرض قد يكون بسبب الأسباب البيولوجية أو النفسية أو الاجتماعية الأخرى , بالتزامن مع الاستعداد الوراثي , حيث يوضح المعهد القومي لأمراض الإدمان بأنه في إطار النموذج المرضي للإدمان فان هناك من لديه الاعتقادات بالاستعداد الوراثي .

بالإضافة إلى هذا قد يتطلب أيضا وجود حدث بيئي يتسبب في تفسير تلك الافتراضات بسبب الدراسات التي قد تم إجراؤها والتي تدل على ترجيح وجود التشابه الكبير في الإصابة بالإدمان بين التوأمين المنفصلين عن بعضهما البعض في الميلاد , عما هو متوقع في حال عدم وجود المكون الوراثي .

كما تشير الدراسات إلى ضعف احتمالية في تشابه التوأمين في الإصابة بمرض الإدمان مقارنة مع التوأمين اللذين يظلان في بيئات متماثلة .

هل الإدمان مرض أم سلوك

في الختام علينا أن نعلم تمام العلم بأن الإدمان مرض نفسي كما أشارت بهذا منظمات الصحة العالمية وما أقره العلماء المختصون والخبراء , ولكن لا نقتصر أهمية اعتبار الإدمان مرض من الأمراض وليس كونه سلوك مكتسب علي تعريف الإدمان والتعرف على أسبابه , ولكن يمثل أهمية حيوية أيضا في طريقة تصميم علاج الإدمان الفعالة والاتجاه الجديد نحو العلاج في عقل الشخص المدمن ومقدم خدمة العلاج الخاص بمن يعنون من الإدمان .

عن الكاتب

عبد الرحمن

قراءة المزيد

اكتب ردًا أو تعليقًا

بحث